في محاولة فهم للتضحية

Sacrifice of Isaac", 1603, by Caravaggio"
لوحة: "التضحية بـ اسحق"


عند الحديث عن التضحية يتبادر للذهن مفهومان: مفهومٌ للتضحية بالنفس والمال لأجل الوطن والحق، دون انتظار للمقابل. هذا المفهوم لست في صدد الحديث عنه الآن 


المفهوم الآخر والذي سأطرحه لسببين الأول يتضح من عنوان الموضوع وهو محاولة فهم للتضحية والثاني لأني مستهجن لما يحدث الآن في العلاقات العاطفية أو في الروابط الأسرية أو في الصداقات التي تكاد تخلوا من التضحية الهادفة إلى استمرارية هذه العلاقات وتطويرها حتى لا ينتهي بها المطاف بالبرود وتراكم المواقف الصغيرة الخاطئة

عند إحساس أحد الأطراف بتضحية الطرف الآخر من أجل الإبقاء على العلاقة قائمة لن يترك تلك التراكمات الصغيرة أن تشكل عائقاً كبيراً في العلاقة بعد مدة من الزمن، وهكذا فإن التضحية بحد ذاتها تنهي تلك التراكمات الصغيرة وتسمو بالعلاقة لدرجات أعلى حتى تضحي علاقة ليس من السهل انتهائها بأخطاء صغيرة أو بسوء فهم يحدث بين الحين والآخر، وببرود في المشاعر بين الطرفين لفترات طويلة وهنا استطيع القول أن التضحية تشكل هذه الحماية للعلاقة وباعتقادي فإن عدم التضحية من طرف أو من كلا الطرفين في أي علاقة كانت تسارع في انهائها أو تضعفها لتجعل أي مشكلة صغيرة كبيرة لدرجة تمكنها من التراكم مع غيرها لتصبح غير قابلة للحل 

ما التضحية التي أتكلم عنها؟ أهي تلك التضحية العظيمة؟ التي تؤثر على حياة القائم بها أو التي تسبب بالضرر المادي أو الفيزيائي لها؟ لا أعتقد ذلك هذا ليس له علاقة بالحفاظ على العلاقات وبنائها هذا له علاقة بمقدار الإنسانية التي تحملها لا أكثر

هنا أتكلم عن تضحيات بسيطة تضحيات معنوية لا تكلف الكثير لا تكلف سوى التنازل عن بعض القواعد التي يضعها الأفراد في حياتهم، التنازل عن قصورهم التي يعيشون فيها حياتهم، التنازل عن سعيهم ليكونوا مركز كل شيء وأن حياتهم هي الأهم. وأن يصبحوا أكثر مشاركة وعطفاً على مشاعر واحتياجات الآخرين من حولهم، أن يبادروا في الإعطاء لا أن ينتظروا أن يطلب الطرف الآخر ويهين نفسه مرات عديدة (يجدر الذكر أن طلب شيء في ظل العلاقة لا يعد مهيناً إلا في حال رفضه المتكرر دون سبب قاهر للطرف الآخر)، أن يبادروا في إعطاء تلك الأشياء الصغيرة من تبادل أسرار (لا أقصد أسرار أشخاص آخرين بل أسرارهم)، من ترك إنطباع لدى الطرف الآخر أنه على قدر من الأهمية وليس مثله مثل أي شخص من المعارف السطحية

على الشخص جعل الطرف الآخر يؤمن أنه مختلف ومهمٌ بالنسبة له بأعطائه امتيازات لتستمر ولتتقوى العلاقة بينهما، على الشخص الذي يعيش حياته المستقلة والتي يعتقد أنها صحيحة كما هي وأن أي تنازل يقوم به ينقص من ذاته أو ليس على درجة من الأهمية ليقوم بها، عليه محاولة التخلي عن هذا كله ومحاولة مشاركة الطرف الآخر في تفاصيل يحتاجها الطرفان ليستمرا معاً عليه أن يتعلم الإعطاء وليس الأخذ من العلاقة العلاقات يجب أن تُبنى على مبدأ الإعطاء لأنه أكبر دليل على مقدار الحب والتقدير للطرف الآخر، نعم كلنا نستطيع الأخذ من الطرف الآخر ما يستطيع إعطائه لكن الأهم في العلاقات هو الإعطاء لأننا لا نعطي إلا من نُحب ومن نكن له مكانة كبيرة في حياتنا 

  • مجرد توفير الشخص الآخر الوقت لك لتتحدثا معاً في أي أغلب الأوقات التي تحتاجه بها هذا يعد إعطاءً. 
  • تجاوز الشخص الآخر الحدود والقيود التي يضعها بينه وبين الأشخاص وجعلك متميزاً عنهم يعد هذا إعطاءً. 
  • تفكير الشخص الآخر في ظروفك واحتياجاتك تماماً مثل تفكيره في احتياجاته وظروفه هو هذا يعد إعطاءً. 
  • تكرار طلبك لذات الشيء اللامادي من الشخص هذا يعد إهانة لك وللعلاقة التي لا يعتقد الطرف الآخر أنها أجدر بأن تستمر ولا يعد إعطاءً.
  • التضحية بوجود أشخاصٍ يقفون في طريق العلاقة بينك وبين هذا الشخص هذا يعد إعطاءً. 
  • مشاركة الشخص الآخر تفاصيل حياته ومشاعره معك هذا يعد إعطاءً. 

ليست هذه قواعد الإعطاء لأنه ينبع من ذات الشخص ومن تقديره للطرف الآخر وللعلاقة القائمة التي يسعى لاستمرارها والبناء عليها، لكن إن هذه الجمل تعد أمثلة بسيطة في الإعطاء الذي لا يحتاج ثروة مالية بل يحتاج كماً كافياً من الحب للطرف الآخر ليتم 

إن عدم مقدرة الأشخاص على الإعطاء والتنازل والمشاركة لهي مشكلة حقيقية بين الأشخاص وتجعل كل التفاصيل الأخرى ليست ذات أهمية ومعنى دون وجود الإعطاء، لأنه وبرأيي الشخصي وبتجربتي الآن لشعور أن تعطي كثيراً ولا تأخذ بالمقابل شيئاً أن تكون ليِّناً في العلاقة وأن تتغاضى عن قواعدك لأجل الأشخاص الآخرين، وفي المقابل أن يعاملك الآخرون بنفس الطريقة التي يعاملون بها معارفهم السطحية ويعتبروك مجرد شخصاً تشكل مشكلة لهم في طلباتك هذا الشعور يقتل ما يمكن أن يكون علاقة دائماً مستقبلاً وما زلنا نتحدث عن الصداقة والعلاقات الأسرية والحب. التضحية تحت أي من هذه المسميات يفهم بأنه تقدير كبير للعلاقة القائمة ويشكل أساساً قوياً للبناء والتطوير في العلاقة ولا يجعلك تعيد النظر منذ بدء العلاقة ولا يجعلك تعيد حساباتك بشأن هؤلاء الأشخاص وبأهمية وجودهم في حياتك من عدمه

أعلنتها حداداً

عماد عسالوة


في مثل هذا التاريخ
30/8/2013
رحلتَ رفيقي عماد

نعم لقد خانتني الكلمات في حزني لرحيلك
شككت كثيراً بخبر رحيلك وكان فيّ أمنية في بقائك

رفيقي
ماضون على دربك 
لنكمل ما بدأنا سوية 
البقاءُ للوطنْ
كتب رفيقي: 




توفي في هذا اليوم
رفيقي العزيز عماد عسالوة


_____________________________________
_________________________


كتب yahia:

"يرحم ترابه, توفى نتيجة الجهل الي بنعانيه في دول العالم الثالث, وصفوله علاج خاطئ مش لحالته, بنتمنى لاهله والاقرباء الصبر, واحر التعازي الهم,

ابن عم المرحوم عماد عسراوي/عسالوة

يحيى عسراوي

---------------

"فيديو للمرحوم (في وسط البلد في العاصمة الاردنية "عمّان)

http://www.youtube.com/watch?v=j5oIKgmy1_k
---------------

بعض الفيديوهات التي احبها المرحوم

في التعامل مع الناس


إن أي شخص يؤمن بمجموعة من المبادئ أو ينتمي لأيدلوجيا* معينة في حياته فهو إنسان يعرف ما يريد وهذا ليس بالضرورة أن يكون صحيحاً بالمطلق، لكن مجرد اختياره هذه المبادئ أو هذه الأيدلوجيا يعطي انطباعاً مسبقاً بأن هذه الشخص يرى أن ما يفعله منطقي كفاية ليقوم به أو ينتمي له ويدافع عنه ويعيشه في حياته

هذا الشخص الذي ينتمي لهذه المبادئ أو الأيدلوجيا يستحق كل الإحترام من قبلك كشخص ينمتي لنفس مبادئه أو حتى كشخص ينتمي لمبادئ تعاكسه تماماً ليس المهم في الحياة التوافق على مجموعة من المبادئ بل المهم هو أن يتم تطبيق هذه المبادئ من قبل الناس الذين ينتمون إليها لأن الكثير من المبادئ يحتوي في داخلها مقداراً من الإنسانية والحياة الكريمة أستثني هنا الأيدلوجيات التي لا تحترم وجود من لا يؤمنون بها 

إن الأديان بمختلف أشكالها تنادي بالمساواة والتعامل بإنسانية وتتفارق فيما بينها بالطريقة التي تصل بها إلى الحياة الكريمة في الدنيا، وهذا كله ليستحق المؤمنون بها في نهاية حياتهم السعادة الأبدية في الجنة أو الراحة في الأرض، إن الأديان تشكل أيدلوجيا متكاملة في محتواها وفي مبادئها والشيء الجيد فيها أنه لا يجوز أخذها كأجزاء منفصلة وتطبيقها كلٌّ على حدى

ولتوضيح ذلك لا يجوز لك أخذ النظام الإسلامي في تشريع القوانين السياسية، واتباع القوانين الرأسمالية في الاقتصاد هذه يشكل تضارباً في المبادئ بين النظامين

كل هذا للوصول للنتيجة التالية وهي تتلخص بأن كل من لديه مبادئ ينتمي إليها ويطبقها في حياته اليومية عن قناعة بأنها صحيحة أو على الأقل بأنها صحيحة كفاية ليعيش بها حياته يستحق كل الاحترام من قِبل الجميع، وهذا بالتالي يقودنا للآتي

إن أي شخص لا يؤمن بمجموعة من المبادئ أو بأيدلوجيا معينة فهو شخص لا إنسان لا يعرف ما يريد وهذا قد يكون تائهاً بين مجموعات الأيدلوجيا المتشابهة أو ليس مقتنعاً كفاية بوجود تلك الأيدلوجيا التي تمثله، وليستطيع العيش في هذه الحياة يجب عليه اختيار ما يناسبه من المبادئ الموجودة بالفعل في الأيدلوجيات أو ابتكار مبادئ جديدة تخصه لذاته ولكنه حتى يحظى بالاحترام يجب عليه احترام مبادئه التي سيختارها

بعد كل هذه الكلام في من يستحق الاحترام أما على النقيض من لا يستحق أي احترام يتمثل في أي شخص ينتمي لمجموعة من المبادئ والقيم الأخلاقية أو الأيدلوجيا المتكاملة ويدافع عنها بكل ما أوتي من قوة ويعلن انتمائه بكل فخر لهذه المبادئ ولا يقوم بتطبيق أساسياتها أو لا يقوم بتطبيق الكثير من هذه المبادئ.

إن أي شخص يقول بأنه ينتمي لهذا الدين الذي يشكل الأيدلوجيا المتكاملة التي تحدثنا عنها في الفقرة الثالثة يجب عليه بالضرورة تطبيق كل تعاليم هذا الدين. من يستثني بعض المبادئ المتواجدة هذا الدين يجرده الدين بالمقابل انتمائه إليه ولهذا لا يجوز التكلم باسم الدين إن لم يتم في البدء تطبيق تعاليم هذا الدين كوحدة واحدة، هنا لا أريد أن أضع نفسي بين هذا الشخص ودينه إن حافظ على ابتعاده عن باقي الأيدلوجيات وحافظ على تجنب النقاش باسم دين لا ينتمي إليه 
فعلياً.

لتلخيص السابق أي شخص ينتمي لدين معين ولا يطبق تعاليمه هو لوحده من يتحمل تبعات ذلك من ناحية ثواب وعقاب حسب مبادئ هذا الدين، لكن إن كان هذا الشخص يروج لهذا الدين أو المبادئ يجب عليه أن يكون مطبقاً لها لأنه إن لم يكن لن يحظى باحترام أحد، فلا يجوز كنتيجة لهذا نقد أيدلوجيات أخرى من قبل شخص لا يطبق الأيدلوجيا التي ينمتي إليها بالأساس

حيث لا يجوز لك قول أن مبادئ هذا الشخض خاطئة ويجب عليه تغيرها لكذا وكذا، إن لم تكن فعلاً مطبقاً لمبادئك التي تنتمي إليها. هناك ظاهرة سيئة في مجتمعاتنا بدأت ألاحظها بكثرة وهي تتمثل بالآتي: أن كثيراً من الناس لا يؤمنون بالمطلق بتلك المبادئ التي ينادون بها والتي يطبقونها في حياتهم اليومية سواءً كمظهر خارجي أو انتماءِ داخلي، ولكن تأثير الناس عليهم وتأثير إزعاج الناس لهم هو ما يجعلهم بالمظهر يقومون بتلك المبادئ

هنا أريد القول أخيراً أن من يغير مبادئه أو ينتمي لمبادئ جديدة بشرط أن لا يقتنع بها من تلقاء نفسه
 -أي أن لا يتم الضغط عليه ليقتنع بها أو أن يتم تلقينه منذ الأساس بأنها صحيحة-  هو إنسان لا يستحق الاحترام، لأنه بالأساس لم يحترم معتقداته الشخصية وفضل مبادئ أخرى مفروضة عليه من قبل شخص آخر. وتكمن المشكلة هنا أن يكون الشخص الآخر بعيداً كل البعد عن هذه المبادئ ويسعى لمصالحه الشخصية فقط

يجب علينا دراسة المبادئ التي ننادي بها ونريد جميع الناس أن ينتموا إليها ويطبقوها في حياتهم اليومية هذه الدراسة يجب أن تكون بمقارنتها مع المبادئ الإنسانية العامة المتفق عليها من قبل البشرية ككل حيث أن هذه المبادئ يجب بالضرورة أن تحترم الوجود الإنساني سواء المؤمن بها أو غير المؤمن بها ويجب أن تتماشى مع المنطق السليم لا أن تكون بأسلوب الفرض والمنع 


* الأيدلوجيا: "هي مجموعة منظمة من الأفكار تشكل رؤية متماسكة شاملة وطريقة لرؤية القضايا والأمور التي تتعلق بالأمور اليومية أو تتعلق بمناحي فلسفية معينة سياسية بشكل خاص. أو قد تكون مجموعة من الأفكار التي تفرضها."

These are nothing more than Dreams

"The Knight's Dream", 1655, by Antonio de Pereda
لوحة: حُلمُ الفارس



"الأحلام هي وسيلة تلجأ إليها النفس لاشباع رغباتها ودوافعها المكبوتة خاصة، التي يكون اشباعها صعباً في الواقع ففي الأحلام يرى الفرد دوافعه قد تحققت في صورة حدث أو موقف" سيجموند فرويد 

لماذا نحاول تذكر أحلامنا عند استيقاظنا كل صباح؟


لأن أحلامنا جميلة، لأننا نملك قليلاً من الحرية في أحلامنا
أم لأن حياتنا ليست تلك الحياة التي نطمح في الحصول عليها ونحاول عيش أحلامنا الوهمية لنحاول نسيان حياتنا البائسة 

هي أحلام ... لا أكثر

في سابق الأيام كنت أضيع الكثير من وقت الاستيقاظ في تذكر ما كنت أحلم به سواء أكان حلماً جميلاً أو ليس جميلاً، واقعياً أو خيالياً صعب التحقيق. كنت أقول لنفسي لمَ أحاول تذكر حُلمي؟ ألا تكفيه صفة "حُلُمْ" بمعناها المستحيل أو صعب التحقيق ليذهب بعيداً عن مخيلتي بسلام

قد يكون شيئاً جميلاً، لكنه قد يكون جارحاً لنا لعدم توافقه مع حياتنا التي نعيشهاـ ألا يولّد هذا تعكر المزاج في ساعات الصباح الأولى الأهم نفسياً لبدء يوم جميل.
لمَ ليس لدي تلك السيارة أو ذلك البيت الذي حلم به للتوّ وكنت مستمتعاً بوجوده في حياتي، ألا يكون جارحاً وَقْعُ أنك إنسان وحيد بلا رفيق أو رفيقة تشارككَ حياتك كما رأيت في حلمك

هي أحلام ... لا أكثر

نعم استطعت نسيان هذه العادة. الآن لا أعطي وقتاً لذاكرتي لمحاولة استرجاع أحلامي أو أي صور فيها، لا أحبذ الخوض في أحلامي تحسباً لما قد تحمله من مشاعر أو حياة واقعي بعيد كل البعد عنها، لا أحبذ الخوض في أحلامي خوفاً من تذكيرها لي بوحدتي وبحياتي المادية وبكل سيئات حياتي وبحاضر عائلتيهي أحلام ... لا أكثر

هي أحلام لا أكثر لذا لا تستحق أن نُتعب أنفسنا بها كل صباح وعندما تذكرنا بواقعنا نُحبط. لا داعي لتفسيرها أو لمحاولة تفسيرها عِش واقعك وحقق ما تتمناه في واقعك لا في أحلامك وإن فشلت فليست هذه نهاية الطريق هناك ملايين الفرص وكل يوم فرصة جديدة للبدء من جديد للمحاولة مرة أخرى.