حقيقة الجنس


OSHO, Indian guru


يُعتبر الجنس الغريزة الأقوى في الإنسان. وقد فهم رجل الدين والسياسة كلاهما هذه الحقيقة من البداية… حقيقة أن الجنس هو الطاقة الرئيسية التي تسري داخل الإنسان. وقرروا قتلها، قرروا تحطيمها. فالسماح للإنسان بأن يعيش طاقته هذه دون كبت سيجعله متمرداً من الصعب السيطرة عليه. سيكون أمر تحويله عبداً مطيعاً أشبه بالأحلام، أشبه بأساطير وقصص ما قبل المنام.

ألم تلاحظوا الأمر يتم تطبيقه على عدة مستويات؟ ماذا تفعلون حين تريدون ربط الثور بالعربة؟ تقومون بخَصْيِه، بتدمير طاقته الجنسية. وهل راقبتم بُعد المسافة والفرق الهائل بين ثور مخصيّ وثور عاديّ؟ المخصيّ مسكين، عبد ومطيع. الثور العاديّ يحيا مجده وسحره وجماله… راقبوه يمشي، ستجدونه يسير وكأنه إمبراطور، وراقبوا مخصيّاً يجرّ عربة.

الأمر نفسه تمّ تطبيقه على الإنسان. لقد تمّ تحطيم غريزة الجنس وقتلها وتشتيتها بحيث تصبح مضطربة. الإنسان ليس ثوراً الآن، بل مخصي، وكل إنسان يجرّ خلفه آلاف العربات وليس عربةً واحدة. أنظروا خلفكم وسوف تجدون أنكم تجرون آلاف العربات. ستجدون العربات خلفكم وقد تمّ ربطكم بها.

ما السرّ في أنه ليس بالإمكان ربْط الثور؟ لأنه قوي جداً. إن رأى بقرة تمرّ بجانبه سوف يرميك ويرمي العربة معك، ويذهب إليها. لن يكترث تماماً لمن تكون ولن يسمع لك ما تقول. من المستحيل أن تسيطر عليه. طاقة الجنس هي طاقة الحياة، ولا يمكن التحكم بها. رجل السياسة ورجل الدين لا يهتمان بك إطلاقاً، بل بإدخال طاقتك في اتجاهات معينة تخدم مصالحهما. هناك علم خفي خلف ما يحدث، سرّ يمارساه على البشرية منذ آلاف السنين.

كبت الجنس، وجعله من المحرمات كلاهما من أدوات استعباد الجنس البشري. لا يمكن للإنسان أن يكون حراً ما لم يكن الجنس (بوعي ومسؤولية لأن الإنسان يملك هذه الأمانة وليس كالحيوان دون وعي) حراً. لا يمكن للإنسان أن يكون حراً ما لم يُسمح لطاقته الجنسية أن تنمو طبيعياً كما قدّرت لها الطبيعة أن تنمو.

وهذه هي الخدع الخمسة التي حوّلت الإنسان إلى عبد ضمن قطيع مطيع، إلى شيء قبيح مشتّت ومضطرب:



أولاً:
أبقِ الإنسان ضعيفاً قدر المستطاع إن أردتَ التحكم به. هذه خطة رجل الدين ورجل السياسة. والطريقة المثلى لإبقاء الإنسان ضعيفاً تكون بإغلاق الباب في وجه حرية الحب، تكون بسلْب الحب حريته. الحب غذاء. وقد أثبت العلماء أن الطفل إن لم يتم منحه القدر الكافي من الحب فإنه ينطوي على نفسه ويصبح ضعيفاً. بإمكانك إعطائه الدواء والغذاء وأي شيء ما عدا الحب وسوف يضعف… لا تحضنه، لا تقبّله، لا تغمره بحنان وسط ذراعيك، وسوف يغدو الطفل ضعيفاً شيئاً فشيئاً. هناك احتمالات لأن يموت بدلاً من أن ينجو.

ما الذي يحدث؟

مجرد الاحتضان والعناق ومنحه الدفء وسيشعر الطفل بأنه يتلقى غذاء، بأنه مقبول، بأنه مرغوب، بأنه مطلوب، بأنه محبوب. سيشعر بأنه يستحق، سيبدأ بفك شيفرة معنى الحياة، سيستشعر معناها في داخل كيانه.

والآن، نحن نقوم بتجويعه منذ طفولته. نحن لا نمنح الحب بالقدر الكافي. ومن ثم نُجبِر الشباب والفتيات على عدم الوقوع في الحب والدخول في علاقات حب إن لم تكن في إطار الزواج. ومع دخولهم سن الرابعة عشر يصبحون ناضجين جنسياً. لكن تعليمهم في المدارس والجامعات في هذه الفترة يستحوذ على الوقت كله ويُظهر نفسه على أنه أهم شيء في الحياة. تعليمهم يأخذ وقتاً طويلاً يمتدّ حوالي عشر سنوات، إلى أن يصلوا لسن الرابعة والعشرين أو الخامسة والعشرين. عندها سيأخذوا شهاداتهم، وكل هذا على حساب الحب.

تصل الطاقة الجنسية لذروتها وأوجّ مجدها مع اقتراب سن الثامنة عشر. لن يكون الشاب في حياته كلها قادراً جنسياً كما هو في سنّ الثامنة عشر، ولن تكون الفتاة قادرة على بلوغ النشوة الجنسية في حياتها أبداً كما هي قادرة عليها وهي بالقرب من سن الثامنة عشر. لكن مجتمعاتنا تجبرهم على عدم ممارسة الحب، فتُبقي الشباب والفتيات منفصلين، وبينهم يقف الأهل والمعلمون والعادات والأعراف والتقاليد والعيب والأخلاق المزيفة كجبل الصين العظيم. جميعهم يقفون لهم بالمرصاد ويمنعونهم من اللقاء ومن الخروج سوياً. لماذا؟ لماذا كل هذا؟ إنهم يحاولون قتل الثور لأجل ولادة المخصيّ.

حين تبلغ سن الثامنة عشر فأنت سواء فتاة أو شاب، في أوج وذروة طاقتك الجنسية، طاقة الحب الشغوف فيك. وحين تتزوج في سن الخامسة والعشرين أو السابعة والعشرين والأرقام تزداد مع مرور الزمن وصعوبة الوضع المعيشي فتصل لما فوق الثلاثين، فكلما زادت حضارة البلد كلما زاد تخلفه وبعده عن الفطرة.. كلما أصبحتَ مُطالب بتأمين نفسك وإكمال تعليمك وإيجاد وظيفة وسكن وووو…. وحين تتزوج يكون وقتك قد تلاشى وطاقتك بدأت تستعد لتوَدِّعَك فقد اقترب موعد رحيلها. عندها تُحِب لكن حبّك لن يعرف لهب الشغف فيه، ولن يصل لنقطة تتبخّر معها وتختفي. سيظل حبك جامد دون حراك، راكِد دون حياة. وعندما لا تتمكن من أن تٌحب بكامل طاقتك فلن تتمكن من أن تحب أولادك لأنك لا تعرف كيف. لطالما حُرِمت من التحليق فوق قمم الحب بجنون، فكيف لك أن تصل بأولادك لهذه القمم؟ كيف لك أن تعلّمهم أن يبْلغوها بدورهم؟
لذا تم حرمان الإنسان من أن يُحب بحرية على مر العصور لضمان بقائه ضعيفاً.



ثانياً:
أبقِ الإنسان مغيَّب وجاهل قدر الإمكان حتى يصبح خداعه أمراً سهلاً. وإن رغبتَ بإصابته بنوع من الغباء، وهذا أمر حتمي بالنسبة لرجل الدين والسياسة حتى يتمكّنا من إتمام مؤامرتهما، فأفضل شيء هو أن لا تسمح للإنسان بأن يدخل الحب بحرية. بدون حب يهبط ذكاء الإنسان للقاع، للحضيض. ألم تلحظوا؟ حين تقعوا في الحب تجدون قدراتكم قد وصلت لذروتها فجأة، تجدونها تتوهّج وقد أصبحت كالشعلة. العشاق يحيون تفاصيل حياتهم بمرح واحتفال لا مثيل له. الحياة كلها تشرق وتتوهج لمعاناً في عيونهم. سيعشقونها ويقدمون كل ما بإمكانهم لها. حين يختفي الحب، يعيش الإنسان في قاع، فتكون تصرفاته وأعماله عن الحياة، عن الإحتفال بنعمتها، مفصولة.

إن الناس الأكثر ذكاءً هم الناس الذين دخلوا علاقات الحب وعاشوا طاقة الجنس بحرية ووعي وشعر وفنّ واحترام للآخر وهيام. طاقة الحب علمياً هي طاقة ذكاء. فإن لم تكن قادراً على أن تحب فستكون منعزلاً نوعاً ما، منغلقاً على نفسك، بارداً غير قادر على الإنسياب. في الحب أنت تنساب كالماء. في الحب أنت تشعر بثقة تطال معها نجوم السماء. لهذا تصبح المرأة مصدر إيحاء عظيم للرجل والرجل بالنسبة للمرأة أيضاً. حين تُحَب المرأة فإنها تتوهج جمالاً مباشرةً، ويشعّ في عينيها بريق. طاقة جديدة تنثر قطرات نداها عليها. ستمشي بخفة وأناقة وكأنها ترقص، ستحيطها هالة جديدة… الأمر نفسه ينطبق على الرجل.

في الحب يعتلي الناس قمم الحياة الشاهقة.. إمنع الناس من الحب وسوف يعيشون ويعملون ويتصرفون من القاع… بالكاد سيعيشون. وحين يحيون ولا حياة فيهم، يعملون ويأكلون ويشربون وينجبون ويقومون بواجباتهم الإجتماعية والدينية، فسوف يصيبهم الغباء، سيكونوا جُهّالاً، ولن يهتموا أساساً بدخول عالم العلم الكوني ومعرفة أسراره وأسرار نفوسهم وعوالهم التي انطوت في دواخلهم. وحين يكون الناس أغبياء وجهلاء ومغيّبين، فسيكون من السهل خداعهم.

وحين يتم كبت الناس جنسياً، سيُكبَت الحب تلقائياً لأن الحب يأتي كظلٍ يخيّم على الجنس حتى يرتقي به على مستوى إنساني، وعندها سيبدأون بالسعي خلف الحياة الأخرى. سيفكرون بالجنة والفردوس، دون أدنى محاولة منهم للتفكير بخلق الجنة هنا على الأرض حيث يعيشون. وأنت حين تكون في الحب، فالجنة بالنسبة لك هي هنا معك. عندها لن تهتم، عندها من يهتم بالذهاب لرجل دين؟ عندها من يهتم إن كان هناك جنة بعد الموت؟ أنت فيها من الآن. الأمر لا يعنيك. لكن حين تُكبَت طاقة الحب فيك، ستبدأ بالتفكير: “لا شيء يستحق العيش لأجله هنا، هذه الحياة مملة وفارغة. لابد من وجود مكان آخر، عالم آخر، هدف آخر..” عندها تلجأ لرجل الدين وتسأله عن الجنة وهو بدوره يرسم لك أجمل الصور والخيالات عنها. لقد تم كبت الجنس ليدفعوك حتى تهتم بالحياة الأخرى. وحين يهتم الناس بالحياة الأخرى، تلقائياً لن يهتموا بحياتهم هنا أياً ما كان شكلها.

لكن هذه الحياة هي الحياة الوحيدة ولا حياة غيرها. الحياة الأخرى مختبئة في طيّات هذه الحياة نفسها. الحياة الأخرى ليست ضدّها، ليست بعيدة عنها، بل موجودة في قلبها. غُص في أعماقها. غُص في أعماق هذه الحياة وستجد الحياة الأخرى في لبّها. الله مختبىء في العالم، الآن وهنا. إن أحبَبت ستتمكن من الشعور به.



السرّ الثالث:
أبقِ الإنسان خائفاً قدر المستطاع. كلما تمكّنتَ من تهويله وتخويفه كلما كان أفضل. والطريق الأنسب مرة أخرى هو بمنعه من أن يُحِب لأن الحب يدمر الخوف. عندما تحب أنت لا تشعر بالخوف. عندما تحِب بإمكانك محاربة العالم أجمع والتصدي له. عندما تحِب ستشعر بأنك قادر على فعل أي شيء. لكن عندما لا تكون في الحب فحتى الأشياء الصغيرة سوف تخيفك. ستهتم أكثر بالبحث عن الضمان والأمان والحماية من غدر الزمان. عندما تكون في الحب ستهتم أكثر بالمغامرة وستغمرك روح الإستكشاف. مجتمعاتنا لا تسمح لنا بالحب لأنها الطريقة الوحيدة لجعلنا خائفين. وحين يخاف الناس ويرتعشون فعلى ركبِهم سوف يجثون، راكعين لرجل الدين، راكعين لرجل السياسة والمال والأعمال.

إنها المؤامرة الأعظم ضد البشرية. إنها المؤامرة العظمى ضدَّك وضدِّك. رجل السياسة خاصتك ورجل الدين خاصتك هما عدوَّيك، لكنهما يدّعيان أنهما خُدّام المصلحة العامة. يقولان لكم: “نحن هنا لأجل خدمتكم، لتوفير حياة أفضل، لإرشادكم للطريق الصحيح، لأجل أن تنعموا بالراحة في حياتكم” … وهما سبب دمار كل حياة.




رابعاً:
أبقِ الإنسان بائساً قدر المستطاع. لأن الإنسان البائس هو إنسان مضطرب، يشعر بأن لا قيمة له ولا يستحق شيء، يدين نفسه ويشعر بأنه ولابدّ قد ارتكب شيئاً خاطئاً. الإنسان البائس لا أرض تحت قدميه ليقف عليها، فبإمكانك دفعه لهنا أو هنا، من هنا لهناك. بإمكانك تحويله إلى قطعة خشبية تطفو على سطح الماء من ضفة إلى أخرى. والإنسان البائس على استعداد دائم لأن تأمره، تفرض عليه واجباً، تدريباً، لأنه يعرف أنه لا قيمة له فلن يتمكن من فهم شيء بمفرده. إنه ضحية جاهزة.



وخامساً:
أبقِ الناس بُعاد عن بعضهم قدر الإمكان حتى لا يتمكنوا من الاجتماع يد واحدة لأجل هدف محدد، هدف لا يتمكن رجل الدين والسياسة من استيعابه لأنه لا يخدم مصالحهما. أبقِ البشر منفصلين متفرقين وحتى أعداء قدر المستطاع.. سياسة فرِّق تسُد… لا تسمح لهم أن يشعروا بوحدة الكرة الأرضية وكل البشرية. لأجل هذا وُجدت الطوائف والمذاهب والملل والتيارات والأحزاب والانتماءات… وغير هذا، حتى في الحياة العادية… إمنعوا الحميمية أو المحبة الأخوية لأجل نجاح الخطة.

مثلاً، ليس بإمكان رجل أن يمشي في الشارع وهو يُمسك بيد رجل آخر يغنيّان ويحتفلان لأنهما سيشعران بالذنب فوراً حين تنظر الناس لهما. سيسألون، ما هذا؟ أهما شاذان؟ غير مسموح لرجلين أن يكونا سعيديْن سوياً. ليس مسموح لهما أن يمسكا يديّ بعضهما أو أن يعانقا بعضهما. ستتم إدانتهما على أنهما شاذين.

جميعكم تتصافحون بسرعة شديدة، ألم تلحظوا هذا؟ مجرد ملامسة يد الآخر وانتهى. أنتما لا تمسكا بيد بعضكما بإحساس ولا تعانقا بعضكما، لأنكما تخافا. هل تتذكر والدك وهو يحضنك، ولو مرة؟ هل تتذكر والدتك وهي تحضنك بعد أن أصبحتَ ناضجاً جنسياً؟ لمَ لا؟ الخوف موجود في داخل الكيان. رجل شاب بالغ يحضن والدته؟ لعلّ بعض الخيالات الجنسية تنشأ بينهما… هكذا يظنّ البعض. لقد تم خلق الخوف: الأب وابنه: لا… الأب وابنته: لا… الأخ وأخته: لا… الأخ وأخوه: لا….

نعم، بعد سبعة وعشرون سنة من التدريب سيسمحون لك بالزواج، بممارسة الحب مع زوجتك. لكن التدريب قد توغَّل الآن لأعمق نقطة في كيانك، وفجأة لن تعرف ماذا تفعل… كيف تُحِب؟ أنت لم تتعلم لغة الحب حتى. الأمر كأن أحدهم قد امتنع عن الكلام سبعة وعشرون سنة وفجأة وبعد كل هذا الوقت قالوا له: ألق علينا محاضرة. سيُغمى عليه وربما يموت.

وهذا ما يحدث لكم… سبعة وعشرون عاماً وأنت ضد الحب، وأنت في خوف وفجأة سمحوا لك رسمياً، فقد أعطوك رخصة ووافقوا عليها حتى تحِب هذه المرأة. أين ستذهب سنوات التدريب والتعليب؟ إنها موجودة معك تطاردك ولن تغادرك هكذا بسهولة.
نعم سوف تحِب بطريقتك.

ستقوم بأداء الحركات والواجبات… لكن حبك لن يكون متفجراً، لن يكون شاهقاً ينتشي بالنشوة ويتفجر بالشغف ويتلوّن بألوان الحميمية والحنان والجنون والعشق والجمال. لهذا يصاب كل طرفين بخيبة أمل بعد ممارسة الحب. تسعة وتسعون بالمئة من الناس تصاب بخيبة أمل بعد ممارسة الحب وأكثر من أي وقت مضى… يشعرون بأن ماذا فعلنا؟ ما كان هذا؟ لم يكن بشيء عظيم… ليس فيه أي شيء…
أولاً… خطّط رجل الدين والسياسة لمنعك من الحب ومن ثم يأتيان إليك ليقنعاك بأن الحب ليس بشيء مهم بل مجرد خيالات وتضييع وقت. ووعظاتهما وعِظاتهما ونصائحهما تبدو صحيحة وصائبة بكل تأكيد، تبدو منسجمة مع تجربتك. لأنهما أسّسا في البداية ومهَّدا السياق لتجربتك المحبَطة العاجزة، وبعدها تأتي إرشاداتهما.

بالإمكان التخطيط لهذه الأسرار الخمسة من خلال جعل الحب محرّماً. وقد تم صناعة ما أسموه بالمحرمات بطريقة علمية جداً. محرماتهما هي أعمال فنية عظيمة احتاجت جهداً هائلاً ومهارة مميزة. عليكم فهم هذا التابو*، هذه المحرمات.

أولاً، التابو ليس مباشراً، بل مختبئاً، سرياً. هو ليس ظاهراً وإلا فمتى ما أصبح التابو علنياً فلن يعمل ولن ينجح. يجب على التابو أن يبقى سرياً حتى يعمل دون علمك ودون معرفتك بكيفية عمله. يجب أن يظل مخفياً حتى لا تتخيل بأن هكذا شيء بإمكانه أن يُحاك ضدك. على التابو أن يدخل لاوعيك ليعمل من هناك وليس وعيك. فكيف الطريق لجعله خفياً غير مباشراً؟

الخدعة كالآتي: في البداية قُم بالحديث عن عظمة الحب حتى لا يعتقد الناس أبداً أن رجل الدين والسياسة هما ضد الحب. قم بتعليم عظمة الحب وأهميته وأن أحبوا بعضكم بعضاً وسامحوا بعضكم، وبعدها لا تسمح لأي سياق أو وضعية يمكن للحب أن يتحقق من خلالها ويُجسِّد وجوده. لا تسمح بفرصة حدوثه ولا تعطي أي فرصة. الأمر كأنك تتحدث عن أهمية الطعام وتطلب من الناس أن يأكلوا، لكن موارد الأكل قد جفّت ولا طعام متوفر في السوق. لذا فرجل الدين يشجع المحبة علناً لكنه يقطعها من جذورها سراً. إن عمله هذا تحفة فنية بحد ذاته.

وتأتي الخدعة الأخرى…. تراهم يتحدثون عن الحب الأسمى والأعلى في حين أنهم يدمرون الحب الأدنى. يقولون بأن الأدنى دنس ولا يستحق ويجب إدانته، بأن الحب الجسدي هو شيء عيب وسيء، وأن الحب الروحي هو الصحيح.

لكن هل رأيتم في حياتكم روحاً بدون جسد؟ هل رأيتم منزلاً دون أساس؟ الأدنى هو أساس الأعلى. الجسد هو جسرك، والروح تسكن داخل الجسد، مع الجسد. الأدنى والأعلى ليسا بمنفصلين، كلاهما واحد… عتبات على سلّم واحد. لا يجب إدانة الأدنى، بل تحويل الأدنى إلى أعلى. الأدنى جيد، فإن علقت عند الأدنى فالخطأ فيك وليس فيه. لا تبقى عالقاً في مكان…. تحرّك

الجنس ليس خاطئاً ولا عيب ولا حرام. أنت الخاطئ والعيب والحرام إن علقت فيه ودخلت فيه دون وعي وجمال واحترام ومسؤولية. أدخل فيه بوعي ثم تحرك ولا تبقى هناك… تحرك لأعلى والأعلى ليس ضدّ الأدنى، فالأدنى يجعل الطريق للأعلى ممكناً.
ومؤامرات رجال الدين والمجتمع قد خلقت كثير من المشاكل. في كل مرة تحِب أنت تشعر بالذنب. وحين ينبع الذنب لن تتمكن من الدخول في الحب بكامل قلبك وكيانك. حتى أثناء ممارسة الحب لزوجك أو زوجتك، لن يرحل الذنب. سيمنعك من الاستمتاع بكل لحظة. أنت تعلم في قرارة نفسك أن هذا شيء دنس وعيب وليس بإمكانك تخيُّل القديسين يمارسون الجنس فكيف تمارسه أنت. أنت آثِم. لذا تكون الممارسة سطحية آلية مزيفة مملة. رجل الدين يقف خلفك رابطاً إياك بحبال الذنب، يُحرِّكها كيفما شاء.

وحين ينبع الذنب ستشعر بأنك خاطئ وأنك لا تستحق وتخسر احترامك لنفسك. وعندها تنبع مشكلة أخرى. حين يولد الذنب تلجأ إلى الادعاء والنفاق. الأمهات والآباء لا يسمحون لأولادهم بمعرفة أنهم يمارسون الحب، فينافقوهم. يدّعون بأن الجنس غير موجود في حياتهم. سيكشف أولادهم ادعائهم هذا عاجلاً أم آجلاً. وحين يكتشف الأطفال ادعائهم سيفقدون كل ثقة فيهم. سيشعرون بالخيانة، بالخداع.

والجميع يدّعي وينافق في كل مجال وليس مجالاً واحداً. وهذا ما يخلق الجفاء بين الناس. الجميع يرتدي قناعاً مزيفاً يُخفي وجهه الحقيقي خلفه. لا أحد صادق. لا أحد يُظهِر وجهه الحقيقي. أنت تدّعي وتعلم أن الجميع يدّعي مثلك. الجميع يشعر بالذنب والجميع أصبحوا كجرحٍ قبيح بليغ لا علاج له. والآن، سهل جداً أن تجعل هؤلاء جميعاً، قطعاناً من العبيد. سهل جداً أن تحوّلهم إلى مدراء ورجال أعمال ووزراء ورؤساء وأشخاص مهمين. الآن سهل عليك تحطيمهم، فقط حطّمتَ جذورهم.



أوشو




*التابو: المحظور في نظر المجتمع.