سراب



سوف يندثر ذلك الحب الذي تم شرائه بالمهر والكذب في إطار الزواج المزيف المبني على استغلال كل ما يمكن للطرف الآخر تقديمه مادياً وعاطفياً

كل محاولة لك لتعويض ذلك الحب الحقيقي اللامادي ستبوء بالفشل الذي سيخنقك شيئاً فشيئاً حتى تضمحل أحلام صباك وشبابك، وتمسي لا تحلم بغير قوت عيشك ومتعتك الغير مكتملة من نهاية أسبوع لآخر

لقد أحببنا بكل ما أوتينا من قوة وإصرار وكنا قادرين على قلب العالم بأكمله لأجل من نحب ولأجل ما نحب! نعم لأجلك أنت! كنا نريد كل شيء لنا دون نقصان وكنا على استعداد للتضحية بأغلى ما نملك لنسعد من نحب 

ماذا حدث لكل ذلك الحب؟! لقد انتهى بكره شديد، للبشرية كافة ولشركائنا المحتملين خاصة، لقد فقدنا القدرة على الاخلاص في الحب وفقدنا الأمل بإيجاد مشاعر صادقة من طرف آخر، لقد كُسرنا مرات عديدة حنى أتى الوقت الذي فقدنا فيه شغف المحاولة والعمل على إيجاد أشخاص آخرين، وفقدنا فيه القدرة على إعطاء أشخاص جدد الفرصة للدخول لقلوبنا وأرواحنا

كل العلاقات في هذا المجتمع تبدأ وتنتهي بنظام مرسوم وواضح للجميع ولكن الكثير من الأشخاص يكابرون بأنهم هم الاستثناء لهذه القواعد وأن حباً ولد بعد لقاء واحد أو أسبوع واوحد سيدوم للأبد، أنت لست استثناءاً ولن تكون كذلك

هي بعض علاقات في حياتك ستكون صادقة جداً لدرجة تكذب فيها عيناك وتغيب عنها عقلك وقلبك، تلك العلاقات التي ستضيع فيها أنت الفرص بقراراتك السيئة لن تعود أبداً، الحياة بسيطة جداً علينا لكننا معقدون جداً ومتعالون جداً لنرى صدق تلك المشاعر التعاليم بسيطة بالنسبة لي: أعط فرصاً قدر استطاعتك لكل من يبوح لك بمشاعره قد يكون هو المختار حتى لو لم تدرك ذلك وإن لم يكن هو المنشود لن تخسر تلك الفرصة 

هذا النظام بسيط جداً ويرتكز على بدايات مشابهة لبعضها، حب صادق مخفي خلف خوفنا من المجتمع ومن العقاب إن صارحنا أنفسنا قبل مصارحة شركائنا المحتملين، وخوفنا من الرفض الذي سنجابهه لا محالة من الطرف الآخر هذا على الأقل من وجهة نظري ومن تجربتي السيئة مع هذا المجتمع.. وهذا الحب كان أولاً أوثانياً أو ثالثاً قد يكون أصدق حب لدينا طيلة حياتنا وأكبر ما يمكننا التضحية لأجله لأن كل حياتنا ستختلف نتيجة لتلك الفرص الضائعة علينا أو نتيجة لذلك الرفض، "س ر ا ب.." لا تحاول إيجاد صلات بين تلك الأحرف لا تتدخل بما لا يعنيك هي بداياة لما انتهى من زمن بعيد، نعم لقد أحببت وكان حباً أفلاطونياً سامياً ذا قدسية كبرى في حياتي، والآن كسرت وفقدت الثقة والأمل في المحاولة، سوف لن ينتشلني أي فكر ولا أي عقل ولا أي قلب مما أنا به 

تنتهي هذه البدايات بعلاقات بدائية بلا أدنى مستوى من مستويات صدق العاطفة والإخلاص للطرف المقابل.. تنتهي برفض أو قبول خجول ليس بنفس مستوى من يُكن كل تلك المشاعر

لا أحد عاش مثل ظروفي وأدرك تماماً أن لا أحد عاش مثل ظروفكن ”س ر ا ب..“ لكنني لم آخذ الوقت الكافي ولم يكن لدي الكثير مادياً لأقدمه في مجتمع تحكمه الرأسمالية القذرة، والأهم من كل شيء هو عدم امتلاكي لفكرة الأمان والاحساس بأن ذلك الوطن وطني ولا كلمة أعمق معنى وأكثر دفئاً من Home ولا أقصد منزلاً مادياً بل مكاناً تلجأ إليه روحك وروح من تحب لتعبر فيه عن صدق مشاعرك وقوتها

ظروف ومواعيد سيئة، نحن روحان في جسد واحد يتألم من كل أطرافه، لكن لم تمكننا هذه الحياة وهذا المجتمع الرجعي من التعبير عن صدق مشاعرنا، أنا لا أحتمل الكذب منك، وثق تماماً بأنك لن تتلقى الكذب مني، لم أخف يوماً من شيء لا كبير كان ولا صغير ولم أعتد الكذب أبداً، لقد تمت تربيتي على أخلاق حميدة وبهذا ألوم أمي الغالية! لم ألومها؟ لأنني لو تعلمت الكذب مثلكم لكانت لدي علاقة ناجحة تنتهي بكل تلك الوعود المزيفة التي يعدك وسيعدك بها شريك حياتك الحالي أو القادم 

وتبدأ بعدها رحلتان الأولى للطرف المحب العاشق الذي أخفى عشقه خوفاً! 

وهذا ينتهي وحيداً حزيناً معظم سنين حياته مكتئباً، يحاول نسيان ذلك الماضي بالاتجاه لكل ما هو سيء في هذه الحياة، من الشرب حتى الثمالة وحتى مقاطعة البشرية والحياة الاجتماعية كافة، لكنني لم أدرك يوماً أني لست قادر على إطفاء عقلي وقلبي بالخمر، ها أنا أكتب الآن وليس في مخيلتي سوى صور لما مضى نعم أتذكر كل شيء وأكتب بطلاقة أكبر حيث لم أستطع كتابة شيء وأنا مستيقظ 

والرحلة الأخرى رحلة المكابر ذا النفس العظيمة التي بنتها العادات والتقاليد وحجمتها عائلته وتعاليم الأديان في مخيتله، وأدرك بأنه سيخطئ لا محالة إن أحب وإن عشق ويجب عليه أن يلتزم بتعاليم هذا المجتمع وينتظر بفارغ الصبر قدوم محب مكللاً بالمال والجاه وكتابه بيده، سيعيش سعيداً سينجب طفلاً وينجب آخراً لملئ الفراغ الذي سينتجه الطفل الأول في علاقته العاطفية التي قادها المجتمع وتنتهي بنظر المجتمع وتعاليمه بالإنجاب وسينهي معظم حياته محاولاً بناء طفل لشخص بالغ سينسى وجوده عند دخول حب في حياته وسيربيه بذات الطريقة الناقصة، وهكذا تبنى المجتمعات لدينا، خوفٌ من الحب وإيمان بأن الكذب لنا خلاص 

هي حياة سنعيش مرها ما حيينا، 

حاولت جاهداً بناء صداقات متقدمة لدرجة تغني عن الحب لكن تعاليم هذا المجتمع تقيد كل تحركاتك 

لن نعيد كرة حب يميت القلب ويحرق المشاعر 

لن نحاول من جديد 



سراب

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق