في التعامل مع الناس


إن أي شخص يؤمن بمجموعة من المبادئ أو ينتمي لأيدلوجيا* معينة في حياته فهو إنسان يعرف ما يريد وهذا ليس بالضرورة أن يكون صحيحاً بالمطلق، لكن مجرد اختياره هذه المبادئ أو هذه الأيدلوجيا يعطي انطباعاً مسبقاً بأن هذه الشخص يرى أن ما يفعله منطقي كفاية ليقوم به أو ينتمي له ويدافع عنه ويعيشه في حياته

هذا الشخص الذي ينتمي لهذه المبادئ أو الأيدلوجيا يستحق كل الإحترام من قبلك كشخص ينمتي لنفس مبادئه أو حتى كشخص ينتمي لمبادئ تعاكسه تماماً ليس المهم في الحياة التوافق على مجموعة من المبادئ بل المهم هو أن يتم تطبيق هذه المبادئ من قبل الناس الذين ينتمون إليها لأن الكثير من المبادئ يحتوي في داخلها مقداراً من الإنسانية والحياة الكريمة أستثني هنا الأيدلوجيات التي لا تحترم وجود من لا يؤمنون بها 

إن الأديان بمختلف أشكالها تنادي بالمساواة والتعامل بإنسانية وتتفارق فيما بينها بالطريقة التي تصل بها إلى الحياة الكريمة في الدنيا، وهذا كله ليستحق المؤمنون بها في نهاية حياتهم السعادة الأبدية في الجنة أو الراحة في الأرض، إن الأديان تشكل أيدلوجيا متكاملة في محتواها وفي مبادئها والشيء الجيد فيها أنه لا يجوز أخذها كأجزاء منفصلة وتطبيقها كلٌّ على حدى

ولتوضيح ذلك لا يجوز لك أخذ النظام الإسلامي في تشريع القوانين السياسية، واتباع القوانين الرأسمالية في الاقتصاد هذه يشكل تضارباً في المبادئ بين النظامين

كل هذا للوصول للنتيجة التالية وهي تتلخص بأن كل من لديه مبادئ ينتمي إليها ويطبقها في حياته اليومية عن قناعة بأنها صحيحة أو على الأقل بأنها صحيحة كفاية ليعيش بها حياته يستحق كل الاحترام من قِبل الجميع، وهذا بالتالي يقودنا للآتي

إن أي شخص لا يؤمن بمجموعة من المبادئ أو بأيدلوجيا معينة فهو شخص لا إنسان لا يعرف ما يريد وهذا قد يكون تائهاً بين مجموعات الأيدلوجيا المتشابهة أو ليس مقتنعاً كفاية بوجود تلك الأيدلوجيا التي تمثله، وليستطيع العيش في هذه الحياة يجب عليه اختيار ما يناسبه من المبادئ الموجودة بالفعل في الأيدلوجيات أو ابتكار مبادئ جديدة تخصه لذاته ولكنه حتى يحظى بالاحترام يجب عليه احترام مبادئه التي سيختارها

بعد كل هذه الكلام في من يستحق الاحترام أما على النقيض من لا يستحق أي احترام يتمثل في أي شخص ينتمي لمجموعة من المبادئ والقيم الأخلاقية أو الأيدلوجيا المتكاملة ويدافع عنها بكل ما أوتي من قوة ويعلن انتمائه بكل فخر لهذه المبادئ ولا يقوم بتطبيق أساسياتها أو لا يقوم بتطبيق الكثير من هذه المبادئ.

إن أي شخص يقول بأنه ينتمي لهذا الدين الذي يشكل الأيدلوجيا المتكاملة التي تحدثنا عنها في الفقرة الثالثة يجب عليه بالضرورة تطبيق كل تعاليم هذا الدين. من يستثني بعض المبادئ المتواجدة هذا الدين يجرده الدين بالمقابل انتمائه إليه ولهذا لا يجوز التكلم باسم الدين إن لم يتم في البدء تطبيق تعاليم هذا الدين كوحدة واحدة، هنا لا أريد أن أضع نفسي بين هذا الشخص ودينه إن حافظ على ابتعاده عن باقي الأيدلوجيات وحافظ على تجنب النقاش باسم دين لا ينتمي إليه 
فعلياً.

لتلخيص السابق أي شخص ينتمي لدين معين ولا يطبق تعاليمه هو لوحده من يتحمل تبعات ذلك من ناحية ثواب وعقاب حسب مبادئ هذا الدين، لكن إن كان هذا الشخص يروج لهذا الدين أو المبادئ يجب عليه أن يكون مطبقاً لها لأنه إن لم يكن لن يحظى باحترام أحد، فلا يجوز كنتيجة لهذا نقد أيدلوجيات أخرى من قبل شخص لا يطبق الأيدلوجيا التي ينمتي إليها بالأساس

حيث لا يجوز لك قول أن مبادئ هذا الشخض خاطئة ويجب عليه تغيرها لكذا وكذا، إن لم تكن فعلاً مطبقاً لمبادئك التي تنتمي إليها. هناك ظاهرة سيئة في مجتمعاتنا بدأت ألاحظها بكثرة وهي تتمثل بالآتي: أن كثيراً من الناس لا يؤمنون بالمطلق بتلك المبادئ التي ينادون بها والتي يطبقونها في حياتهم اليومية سواءً كمظهر خارجي أو انتماءِ داخلي، ولكن تأثير الناس عليهم وتأثير إزعاج الناس لهم هو ما يجعلهم بالمظهر يقومون بتلك المبادئ

هنا أريد القول أخيراً أن من يغير مبادئه أو ينتمي لمبادئ جديدة بشرط أن لا يقتنع بها من تلقاء نفسه
 -أي أن لا يتم الضغط عليه ليقتنع بها أو أن يتم تلقينه منذ الأساس بأنها صحيحة-  هو إنسان لا يستحق الاحترام، لأنه بالأساس لم يحترم معتقداته الشخصية وفضل مبادئ أخرى مفروضة عليه من قبل شخص آخر. وتكمن المشكلة هنا أن يكون الشخص الآخر بعيداً كل البعد عن هذه المبادئ ويسعى لمصالحه الشخصية فقط

يجب علينا دراسة المبادئ التي ننادي بها ونريد جميع الناس أن ينتموا إليها ويطبقوها في حياتهم اليومية هذه الدراسة يجب أن تكون بمقارنتها مع المبادئ الإنسانية العامة المتفق عليها من قبل البشرية ككل حيث أن هذه المبادئ يجب بالضرورة أن تحترم الوجود الإنساني سواء المؤمن بها أو غير المؤمن بها ويجب أن تتماشى مع المنطق السليم لا أن تكون بأسلوب الفرض والمنع 


* الأيدلوجيا: "هي مجموعة منظمة من الأفكار تشكل رؤية متماسكة شاملة وطريقة لرؤية القضايا والأمور التي تتعلق بالأمور اليومية أو تتعلق بمناحي فلسفية معينة سياسية بشكل خاص. أو قد تكون مجموعة من الأفكار التي تفرضها."