في مواجهة هوس جنسي





بداية هذا الموضوع لم أكن مخططاً لكتابته كما الحال في موضوعي عن رَوْعــَــةْ... كان هذا الموضوع بداية مجرد بضع جمل كنت سأكتبها على موقع التواصل الاجتماعي فقط وينتهي بها المطاف للنسيان لأن لا أحد يهتم كثيراً بما يُكتب هناك نظرأ للتقلب السريع في الحالة النفسية للشخص الجالس أمام مشاكل الناس الاجتماعية التي تُطرح وبكثرة على هكذا مواقع وعلى مشاكل البلدان السياسية والدينية وما إلى ذلك لكن هذا الموضوع كنت أريد كتابته بشكل عام ولكنّي فضلت تخصيصه عني قليلاً وعنونته بذلك الاسم الذي سيلهمني لأنهي كتابته ولأجد الأفكار التي سأكتب من خلالها ... لن أدخل بالكثير من التفاصيل نظراً لأن تلك ستصبح حياةً شخصية لا معنى لها للكثيرين لن أطيل البداية وسأبدأ

الأمراض النفسية كثيرة جداً في مجتمعاتنا المحرومة من مقومات المعيشة الأساسية وبالتأكيد من الرفاهيات ومن الأساسيات وتحديداً الحياة الجنسية الحرة الغير مقيدة... لكن أكثر الأمراض ضرراً في مجتمعاتنا هو المرض النفسي الجنسي إذا وصل بنا الحال ووجدنا نسباً عالية من المرضى الجنسيين أو المهووسين الجنسيين في مجتمعاتنا فإن منظومتنا الأخلاقية مهددة وبشكل جدّي للانهيار بشكل تام... بغض النظر عن أسسها ومقومتاها ومصادرها الدينية والمصادر الأخرى المبنية على عاداتنا العربية... إن الأخلاق مرتبطة ارتباطاً تاماً بالوعي الإنساني ولذلك يجب المحافظة عليها في أي مجتمع ليحافظ على البُنى والروابط المتواجدة بين أفراده... إن نظرتنا الدونية للجنس ولمن يتحدثون بحرية عنه هي مشكلة كبيرة ولكن المشكلة الأعظم تكمن في المرض الجنسي بحد ذاته أي الحرمان الناتج عن النظرة الدونية للجنس والخوف الناتج جراء دفع تقاليد وعادات المجتمع الأفراد بعيداً عن الجنس وقريباً جداً نحو المصادر الدَّنيئة للجنس... هناك بالطبع تدنيس تام لقدسية الجنس في المجتمعات التي تطلق على نفسها مجازاً "مجتمعات تمتلك الحرية المطلقة" -أقصد المجتمعات الشرقية هنا- وأنا أقول أنها حرية مفرطة وبدأت بالفعل بإنتاج أثار عكسية على مفاهيم الحرية في هذه المجتمعات وأصبحت تنتج الكثير من المشاكل بشكل أكبر من مشاكل الكبت الجنسي الموجودة في مجتمعاتنا الشرقية... أنا أؤمن بشيء بسيط جداً تعرفه الحيوانات بالفطرة!.. لكن بسبب تطور عقولنا عن باقي الحيوات الأخرى في الطبيعة يجب علينا أن نقدر ونعطي الأفضلية لوَعْينا ولتفكيرنا المنطقي لكي يحكم علاقاتنا الجنسية... مع الأخذ بعين الاعتبار أن هناك بعضاً من تلك الحيوانات تملك مفهومنا السائد -أو لنقل الذي يفترض أن يسود في كافة مجتمعاتنا- أن كل زوجين "بمعنى فردين وليس بمعنى الزواج لأن الحيوانات لا تمتلكه" ذكراً وأنثى تكون لهما علاقتهما الجنسية المستقلة على مدى فترة من الزمن حتى لو كانت قصيرة جداً لأنني لن أقول للأبد أو حتى يموت أحدهما لأن هذا ليس جائزاً لأن هناك أجساماً لا تستطيع التعايش مع الأجسام الأخرى أو لا تجد ما يلبي لها الحد الأدنى من احتياجاتها الجنسية مع ذلك الطرف ولأن التعايش بين أي طرفين يجب أن يحقق حداً أدنى من تخيلات كل فردٍ التي يرسمها في مخيلته قبل أن يدخل في أي علاقة مع الطرف الآخر وإن لم يجد فيه تلك المقومات أو الاحتياجات أو الأحلام لا يجب الاستمرار بالعلاقة لأنها ستنتج نتائج تضر في المجتمع بالكامل وتضر بنفسية الطرفين بشكل خاص

لنعد لموضوع الأمراض النفسية أنا شخصياً كنت أتوقع أنني سأمسي مريضاً نفسياً ولنقل للتخصيص مهووساً جنسياً لكن حالفني الحظ في بداية فترة مراهقتي... كما قلت مسبقاً لن يكون هناك الكثير من التفاصيل لأكنني سأتكلم بشكل عام عن السبب أو الأسباب التي كانت ستودي بي إلى الهوس الجنسي وما إلى ذلك من تبعات قد تؤثر على حياتي بالكامل بداية بمعدلاتي المدرسية والجامعية وانتهائا بعلاقاتي مع الناس وفرصي بالحياة بشكل طبيعي... أسباب تواجهنا جميعاً في مراحل الطفولة الأخيرة ومرحلة المراهقة بشكل خاص وهذه تشكل فترات طبيعية وقد تستمر بعد ذلك لسنين طويلة لا أعتقد أن استمرارها هو مشكلتي بل كانت مشكلتي بدايتها

الهوس الجنسي في عالمنا العربي بالتأكيد ليس الإسلامي ليس لأن الإسلام لم يحجم ويكبت الجنس!... بل لأن هناك دولاً إسلامية تمتلك مقومات تكفيها لتتخلص من الهوس الجنسي الكبير في مجتمعاتها... هذا الهوس الجنسي المنتشر في عالمنا يؤثر بشكل سلبي على التطور الطبيعي لنا في تفكيرنا وايجادنا للحلول وطرق الحياة الحديثة والوصول لما يسمى بالرفاهية المعيشية كما يوجد في معظم الدول الأوروبية تكلمت سابقاً في هذا الخصوص بالتحديد في موضوعي قبلة الموت تحت بند الأديان وتأثيرها بالتأكيد تكلمت هناك عن الأديان لكنني هنا سأتكلم عن العادات والتقاليد القديمة التي حملها أجدادنا عن أجدادهم وهكذا... وهنا أيضاً في هذا الموضوع سأعيد الطرح مرة أخرى نظراً لأهميته ولعدم اقتناع الكثيرين بما أقول ولكن بطريقة أخرى

الهوس الجنسي يُميت العقل... في فترة الشباب والمراهقة نحتاج الفكر حتى نتطور ونجد الحلول لجديد المشاكل التي تواجهنا أو نطور إمكاناتنا ونغطي احتياجات مجتمعاتنا بحلول وأفكار جيدة لا أنكر قلة الفرص في مجتمعاتنا للتعلم والتطور والابداع لكن بنظري إن أراد فرد معين الابداع سيجد طريقه بنفسه وسيجد كل السبل التي تكمل له أفكاره وتجعلها حقيقة... الهوس يسيطر على تفكير الأفراد بالمطلق ويجعل حياتهم وكل وقتهم حصراً على التفكير الجنسي والتفكير بالطرق الممكنة لاشباع الرغبات التي يتطلبها الجسم ويمسي ويصبح وهو مشغول الفكر والجسد في الجنس الفردي كالاستمناء بحالاته الطبيعية أو المتطورة ويبقى جهازه العصبي متوتراً طيلة الفترات الأخرى في النهار حتى يحل الليل ويهدئه بذلك المسكن الذي لا يدوم حتى ليوم واحد ويصبح الفرد مدمناً على ذلك لدرجة أنه يهمش باقي حياته وباقي مشاكله التي تواجهه وهذا يبرمج دماغه أن لا يكون منتجاً ودائم التفكير بشكل سلبي وممتلئاً بالأفكار الجنسية وبالتالي نفقد قدرة الشباب على التفكير بشكل جيد وعلى الابداع والاهتمام بمستقبلهم الذي يشكل مستقبل المجتمع الذي يعيشون فيه