كطفلة تشحد

قدْ أكون قد أخطأت بكتابة العنوان من ناحية لغوية أو إملائية ... لكنني موقنٌ تماماً بأن المعنى الذي أريد إيصاله قد وصل ... لأنها كلمة تدل على ظاهرة لن أجزم بمدى كثرتها لكنني أظن أنها كثيرة جداً

قدْ لا أكون على إيمان تام بكل ما جاء في الأديان من ممنوعات ومسموحات ... لكنني على يقين بأني أعرف ما يزيد على الثلثين من قواعد وأحكام الدين الذي أنتمي إليه بحكم الوراثة

وأيةُ وراثة وأبي من أعظم الملحدين الذين عرفتهم وأعقدهم تفكيراً ... لن أتطرَّق كثيراً لهذا الموضوع لكنني سأقول أنني مسلم صورياً ... لأن هذا هو الخيار الأمثل بنظري للتعامل والعيش والراحة بينَ ومنَ المسلمين الآخرين وتحديداً أقرب الناس علي

غريبة ٌجداً هي حياتنا كشعب سأصفه "بالمُقاومْ" مجازاً ... كشعب محتل فقير مضطهد محروم من أبسط حرياته ومن أبسط مقومات حياته ... مثل الطعام والملبس والمسكن ... أعود للمعتقدات الدينية التي تحثنا على البذل والتضحية ... وسأتطرق فقط لموضوع إطعام الفقير

قدْ أطلت الحديث قليلاً قبل أن أبدأ بموضوعي ... لكن إنسانية يجب أن تستيقظ في نفوس الكثيرين

فتاةٌ .. بعمر الزهور ... لا بل أصغر سناً ... تسير في ضواحي قرية لا تتجاوز الشارعين ... كبيرة مقارنة بغيرها بمساحتها بحجم أراضيها ... وسأخص بالذكر وُسْعَ وكبر وضخامة محاصيل الزيتون بالنسبة لعدد ملاكها ... رأيتها تسير محبطة حزينة ... كنت موقناً أنها ليست من قريتي ... أنظر اليها تسير بخطى ليست موجهة باتجاه مكان محدد ... أهي ضائعة؟ يبادرني سؤال , أهي تائهة بعنوان بيت؟ ... تسير وتقف تنظر إلى البيوت لكنني ما زلت لا أعرف الإجابة عن تساؤلاتي

بتُّ أعرف إجمالاً ما تريد بعدما كانت تسير وتسير في شوارع القرية الفرعية تطرق أبواباً كثيرة ... تطرق باباً لكن لافاتح الباب اهتماماً ... أرى على شفتيها ابتسامة ... لم يعرها ليست تائهة ولا ضائعة هذا أكيد ... بل إنها تطلب شيئاً لم أرد أن تلاحظ أنني أنظر إليها ولا أن تلاحظني حتى ... تسير في جميع أنحاء القرية تصل أبعد نقاطها ولكن بعبوة فارغة نسبياً لم أعرف ماهيتها ... لكن لم أعر الموضوع إهتماماً فأي شخص قد يحمل هذه الأشياء في الطريق
.
أراهاْ تقترب بخطوات بطيئة نحو المنطقة التي أسكن بها أسبقها إلى بيتي وهي تسير في الطريق كمن هو تائه لا يعرف أين يذهب ... تنظر للبيوت بيتاً بيتاً لكن لا تذهب ربما هي تنتظر شيئاً ما ... أدخل البيت بعد أن احترت ويأست من معرفة ما بها وماذا تريد ... لم أرد أن أسألها ما بها لأنني لست فضولياً كفاية لأعرف من تكون وماذا تريد

أغلقُ بابي ... وأدخل غرفتي ... إذا بأحد يطرق الباب ... ذهب كي أفتح له وإذا بها واقفة خلفه مبتعدة مسافة مترين عن الباب ... رأيت بعينيها إنساناً يائساً ينتظر كذبة شخص آخر ... ليس لدينا زيتٌ ! إن زيتنا إنتهي لتوه ! ليس زيتنا زيتون لذا نشتري الزيت ! والمضحك لدينا زيت (المازولا) إن كنتي تريدين ! ... عبوتها التي لا تتجاوز الأربعة لترات والممتلئ فيها لحد لا يتجاوز الخُمسْ ... قد لا تكون هذه الفتاة تحديداً قد واجهت هذه الردود والحجج التافهة التي وحتى الآن لم أجد لها تفسيراً منطقياً لأنني أعلم أن لا أحد يموت أو يتسبب "لتر" من الزيت له بفقر مدقع حتى لو كان يشتريه بالمال ولا يجنيه من المحصول

أنظرُ إليها بابتسامة حاقدة وقد عرفت أنها ليست لا تائهة ولا ضائعة بل تيقنت بأنها لم تطلب سوى الزيت والقليل القليل من الزيت ... ذاك السائل الذهبي ... تقول لي بنظراتها البريئة (عمو ممكن شوية زيت إذا في عندكم ....) قبل أن تكمل أقول وقد كبرت ابتسامتي
انتظري قليلاً ... أدخلها وتأخذ القليل من الزيت وترحل

قبلَ أن اختم قصتي وقبل أن تتفجر أحقادي سواء أكانت للناس الذين لم يطبقوا دينهم أو للدين بصفته ممثلهم أو إطارهم ... لا أعرف لم حقدت على الدين نفسه ... قد يكون السبب هو عدم تطبيقه لا أعرف لكن كما يقال " الولد العاطل بيجيب لأهلو المسبة " ... قد أحسست بإهانة كبيرة , بحقد أسود , بكره أعمى لمن ينعت نفسه بمسمى (إنسآن) قد تكون كلمة ثقيلة على الكثيرين ... فأنا موقن تماماً بأن الإنسانية قد صُفعت

إنيْ أحزن لإنسانية قد فقدت قد تغيرت أسمى مفاهيمها ... نحن لسنا شعب يستحق الإحترام من قبل الشعوب الأخرى ولسنا أناساً كما يتصوروننا بأننا ضعفاء مساكين نحتاج لمن يساعدنا ... نحن الحقد الكره البخل الإحتكار بحد ذاته لكننا نداري ذلك ونحن نتقن المَسْكنة
لاْ أريد أن أطيل عليكم فأنا أعلم أنَّ من يرى "شحاداً" يحس بإحباط وكآبة وبأنه يجب عليه أن يدفع ببعض من ماله أو من طعامه أو جزء بسيط من ممتلك له إليه ... فكيف أطيل حديثي عنه وأنا أعلم أن الإنسانية ... سمكة ٌ قد أخرجت مما تبقى لها من ماء